علم الله الكليّ

كلمة "علم كليّ" تعني في الأساس معرفة كل شئ، لكنها لا تعني معرفة كل شئ من جهةٍ كميّةٍ فحسب، بل تعني معرفة كل شئ بصورة شخصية وقاطعة. والسبب الذي لأجله يعلم الله كل شئ هو لأنه يعيِّن كل شئ. هذه العقيدة عقيدة ثمينة للغاية بالنسبة لنا لأننا لا نعرف كل شئ، بل نعرف جزئيًا، وننظر من خلال مرآة مشوشة. لكن لدينا شخص في الكون يعلم بالفعل كل شئ، وهذا يعني أن الله ليس مضطرًا للتفكير مليًا في مشكلة ما. فإن كنت تستمع بأشياء مثل تجميع الكلمات المتقاطعة أو الألعاب الاستكشافية، فأنت تحب مجرد التأمل والتفكير بشأن الحرف الذي يجب أن يوضع هنا أو بشأن الكلمة الصحيحة؟ لكن الله لا يفعل هذا، فهو لديه علم كليّ لحظي بكل شئ. فإن علمه ومعرفته، كما اعتاد فان تيل أن يقول، يلازمان وجوده، فوجوده وعلمه متلازمان. بكلمات أخرى، إنها طريقتان مختلفتان لقول الشئ نفسه. لكن لا يمكننا أن نقول هذا عن البشر، فنحن نعلم، لكننا نعلم من خلال عملية معينة، ووجودنا لا يحدد ما نعلمه بمعزل عن علاقة مع الله الذي يعلن عن نفسه لنا. وهكذا، فإن هذه الحقيقة عن كون الله يعلم كل شئ هي وسيلة أخرى لنبين بها تميزه التام والمطلق عن الخليقة، وقداسته، وروعة كينونته. وإنها لتعزية لنا أن نعلم أننا، في حين لا نستطيع أن نستوعب ما يحدث أحيانًا، وفي حين نتألم ولا نفهم السبب، لكن الله يعلم. فإن علمه الكليّ مصدر تعزية لنا. لكن حين نصل إلى الجهة الأخرى، أتخيل أن الله سيفسر أشياءً لنا، أي أشياءً كانت ألغاز وأسرارًا بالنسبة لنا هنا، وسيوبخنا بلطف قائلًا: "أنسيتم أني كنت حينئذ كليّ العلم، وربما كانت لدي أسباب وجيهة لفعلي هذه الأشياء؟"